الجمعة، 13 مارس 2015

فن الحوار



الفرد منذ نعومة أظفاره يتلقى العديد من السلوكيات والمواقف المختلفة التي تؤثر في تكوين أفكاره ومعتقداته فكل شخص منا تلقى تربيه خاصة كونت لنا فكره وسلوكه وأسلوبه وتعامله في المواقف المختلفة في حياته ومن هذه المواقف الهامة هي الحوار فلا بد أن تتحاور أنت وشخص ما 
في كوكبة مهامك اليومية !
الحوار  هو اللغة التي تعزف جمال التواصل بين شخصين أو عدة أشخاص هذه اللغة هي ركيزة حياتيه مهمة لا يستغني عنها أحد سواء كان الأب مع أبنائه أو الزوجين أو المدير في شركته أو الصديق مع صديقه فهي مهمة في جميع العلاقات الإنسانية لذلك تعد لغة الحوار بمثابة المفتاح الفكري للتواصل مع أي شخص تريد أو تحب أن تأخذ منه فكره أو تعطيه فكره أو..او. ....
دواعي الحوار متعددة لا مجال لطرحها هنا
هذه اللغة المهمة تحتاج إلى فن وإلى أسلوب خاص لنجاحها و إدارتها بشكل سليم يكفل تناغم أطراف الحوار مع بعضهم البعض والتقليل بشكل كبير من أساليب الحوار التي قد توصل إلى الجدل والمنازعة هنا يختفي الهدف المنشود من التقارب والتناغم والتفاهم وهذه معاني سامية لا تتحقق إلا بأدبيات الحوار الهادف لعلي أذكر لكم بعضا من هذه الأدبيات التي ترسم لكم فن الحوار الناجح ......
فعندما تحاور شخص  ما في موضوع "خلاف" بينكم حاول أن يكون حوارك له في وقت هدوءه وعدم إنشغاله بأي شيء بوقت تشعر فيه بأن هذا الشخص لديه قدرة أكبر على تقبل الحوار منك ومن ثم قم بطرح العديد من الأستفهامات التي تبين له من خلالها  أنكما  تريدان فقط أن تتوصلا معا إلى فك لعقدة هذا الخلاف وأنك تريد أن تفهمه وتوسع مساحات التآلف بينك وبينه .....
وفي أثناء حواركما لا ترجع الخلاف السابق وتذكره  به وتضل تتكلم فيما فعله تجاهك وكأنك تتظلم وتضل ترميه بالخطأ في حقك ....
دائما تعلم أن تطوي صفحات الماضي وتركز في حاضرك
تجاهل الخلاف السابق إلا إذا كنت تريد أن تتذكر إيجابيته في موقف حوارك هذا فقط ....
يقول بعض الحكماء تذكر الماضي حمق وجنون أرأيت كيف يفكرون......
وركز أيضا على نقاط الإتفاق بينك وبينه وأهمل نقاط الاختلاف يعني أن تنظر في حوارك إلى ما يقربك لوجهة نظر الشخص الذي تحاوره وتبتعد عن وجهة النظر التي تخالفه بقدر المستطاع  وبطريقه أقرب لفك عقدة الخلاف هنا تكون قد ركزت بشكل أكبر على نقاط الإتفاق بينكم ...... وأستخدم مصطلحات تدل على أنك تقبل وجهة نظره بكل احترام وأنك لا تقلل منها أبدا .....  مثلا...  أنا معك فيما تقول لكن مارأيك أن نفعل كذا وكذا ألا ترى أن ذلك أفضل....
حاول أن تتقبل وجهة نظر الطرف الأخر وتحترمها ولا تقلل من حجم أفكاره فهو بلا شك لم يطرحها إلا لاقتناعه بها وخاصة لو كان الحوار متمركز حول وجهات نظر كلها مقبولة فليس من اللائق أن تحاربه حتى يقتنع بوجهة نظرك فقط أطرحها وأعطه الحرية في الاقتناع فليس الآخرون مجبورون بتمثل أفكارك كما تريد ....
تعلم المرونة وتقبل الآراء بشكل أكثر لينا ومرونة..
وإذا كنت تحاور من أجل أن تصحح فكرة خاطئة لدى شخص حاول أن تثني على أفكاره أولا وأنها تعجبك وأنها ليست خاطئة إلا في جزئية بسيطة وتذكر هذه الجزئية بكل احترام وأدب وتدلل على كلامك بأدلة واضحة صريحة وإلا فلا تناقش دون دليل..
عزيزي الأب وعزيزتي الأم 
عند حوارك مع أبنائك أجعل لغة الحوار ينبع منها اللطف واللين والحب حاول أن تحتوي أبنك وتبين له أنك تحاوره لأجل أن توسع دائرة التفاهم والتواصل والتحاب والتآلف بينكم .....
وأنت يا حواء عندما تحاورين زوجك لابد أن تدركين نقطه مهمه هي أن طريقة تفكير الرجل مختلفة عن طريقة تفكير المرأة فالرجل غالبا تزعجه كثرة التفاصيل بل تجعل الحوار معه صعب حاولي أن تجعلي حوارك محدد وواضح دون تشابك للأفكار وتشعب للمواضيع ركزي في موضوع واحد إن أستطعتي وتكلمي فيه بإيجاز دون مبالغه في ذكر التفاصيل فعقل الرجل يتشتت من كثرة التفاصيل والتنويع في الطرح ويصاب بالملل وقلة التركيز وهذا قد يفقدك الحوار الناجح مع شريكك وقد يراك ثرثاره دون جدوى ألا ترين أن الرجال دائما يتحدثون عن ثرثرة النساء ! 
وبصفة عامه إذا أردت أن تناقش شخص في فكرة طرحها وكان لديك وجهة نظر مختلفة  حاول أن تركز على الأفكار ولا تركز على الأشخاص وإذا أردت أن تنتقد شخص معين فأنتقد فكرته ولا تنتقد شخصه فليس من الأدب والحكمة أن تنتقد الأشخاص وترمي عليهم الشتائم وأنواع النقد الجارح هنا سوف تشخصن المسألة وتبتعد كل البعد عن الموضوعية وهو بلا شك كردة فعل سيرد عليك ويجعل نقده موجها لشخصك وليس لفكرتك ويتمركز الحوار على شخصيكما وستهمل الفكرة التي طرحت والتي أدير من أجلها الحوار وربما تحول إلى جدال ونزاع بلا جدوى ولا فائدة... كن مثل العظماء الذين يركزون على الأفكار وليس على الأشخاص ...
ولا يكتمل جمال الحوار وفنه وذوقه دون أن يكون ممزوجا بنكهة الهدوء فبالهدوء سوف تحقق اغلب أهدافك التي أدرت الحوار لأجلها.... 
وأجتهد في ذلك ليظهر جماله ويبرز فنه فلا حوار بلا هدوء ومن الأمور التي تضفي عبق الهدوء على حوارك وتنير لك مصابيح السبيل أن تنصت وتستمع لحديث أي طرف من الأطراف حتى ينهي كلامه ولا تقاطعه حتى لو أخطأ ... فقط عليك أن تنتظر حتى يحين دورك لأجل أن تعدل خطأه بكل احترام كما سبق ،، 
وإذا أطال الحديث وأخذ أكثر من وقته حاول أن تستأذن منه بطريقه مهذبه وتشير له بإيماءات محترمة بأنك تريد أن تقول ما لديك ومن ثم تخبره إنه بإمكانه أن يكمل كلامه فيما بعد......
و تبدأ في سرد أفكارك ووجهة نظرك بكل هدوء وذلك حتى تتبادلا الأفكار دون تشتت ودون تذبذب فبلا شك أنه مهما بلغت من العلم إلا أنك تضل تحتاج إلى بعض وجهات النظر السليمة والآراء الحكيمة فربما كان هناك من هو أقل منك علما أكثر منك حكمة وأدبا ...
حاول أن تركز على صحة أفكارك ومعتقداتك وإذا تبين لك أنها خاطئة تراجع عنها وصححها وتقبل أي وجهة نظر أصح وأحق من وجهة نظرك لا تتمسك بأرائك الخاطئة وتضل تجادل من أجل أن تثبتها وتبحث عن الحيل لأجل أن تثبتها ظنا منك أن القوة  تكمن في التشبث بالأراء وعدم التنازل عنها ......القوة الحقيقية ياعزيزي أن تعدل خطأك وتقومه وليست أن تكون بلا أخطاء ......فوالله مانحن إلا بشر يكسونا النقص من كل جانب .... لا أقولها تواضعا ولكنها الحقيقة التي تبقى مهما كان........
وأخيرا ...............
أعلم أﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺂﺭﺍﺋﻪ ﻻ‌ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ .....
ولا شك أن هناك أمورا أخرى تسهم في إبراز فن الحوار بشكل أوسع لكني أردت أن أختصر على أذهانكم وأجعلها في رؤوس أقلام عسى أن تكونوا قد استفدتم ولو نصف فائدة ... !
شكرا لعقولكم المتفتحة التي تتطلع للمزيد من الفائدة ...
دمتم بود 
بقلم محبتكم 
ناله أحمد